» » حَدائِق اللّبلاب- بقلم – أ- محمد أحمد الأسطل


وأنتِ تدخلينَ ضِفافَ المساء
أَدْخُلُ رأسي تمامًا كالقَطا
أسترقُ أريجَ هَمسِك البعيد
أقطُو حقولَ نراجسِك ؛
تلكَ الَّتي تجرُّ غاباتي
أقطُوها كأسئلةٍ قلقة
أسئلةٍ تحرُثُ الماء
البحرُ يحتَرِق ؛
الحصانُ يندَفِع
الشِّعرُ يتبخَّر
لا بدَّ أنْ أعتَرِف :
اللَّيلُ يتكلَّمُ لغةَ الشَّجر
ويتدحرجُ كحقيبةٍ سقطتْ في جَهَنَّم
سقطتْ ملأى بالكلام
آهٍ ، ما أكثرَ السَّموات
هناكَ طيورٌ ليسَ لها أوطان ؛
إنَّها خيالاتُ الّذين كانوا يعبرون
يعبرونَ أقفاصًا تبدو كحَدائِق اللّبلاب
لم يَتَبَقَ منهم إلّا حفنةَ أُمنيات
يا صوتًا هابِطًا من السَّقف :
سَقَطَ خاطِري في البئر
واشتعلَ الشِّتاءُ المنقوعُ داخلَ مزهريّة
حقولُ النَّرجس تَتَراءى بينَ سماءين
هكذا تمضي ظِلالُنا العَمِيقة
هكذا يجيءُ وجهُكِ البطيء
وتعودُ أجسادُنا من الحَكايا
تعودُ لتمضغَ حَجَرَ الغِياب
يا حمامتي :
عندما تهتزُّ أشجارُ الدَّفلي
تسقطُ الحروفُ في رأسِي تباعًا
تسقطُ اللُّغةُ الفاتنة كالرِّيش
آنئذٍ تنحني ضياؤكِ الذّهبية
تتكسَّر وتتلألأ ثم تَنسَدِل
تمامًا ؛ كما يحدثُ عندما أعانِقُ زهرةَ الحياة
أتذكَّرُ نفسي تفاحةً بيضاء
تفاحةً لا تنامُ في النّدى
أتذكَّرُ نفسي نحلةً فضيّة
كم كنتُ جميعَ المسافاتِ الّتي تطير
كم كنتُ النهاراتِ الّتي تحرسُ طَرقةَ الباب

هذا الظِّلُ يَجُرُّ ورائِي سطرًا من الرَّمل
لأعودَ وحيدًا مع الأرواحِ المُعطرة
الأرواح الّتي تشبهُ الدُّمى الطَّرية
اللَّيلُ أبيض والشُّرفةُ هي من تَحَرَّكَتْ
هم اعتذروا وعادوا وراءَ الصَّدى
وهأنذا أرجعُ وحيدًا من ولادةِ نجمةٍ تمُوء
أرجعُ إلى خَرِيفِ أوراقٍ رَمَتْها الرِّيح
الخريف الّذي يجيءُ من ساعة لا تَلتَفِت
أرجعُ كي يبقى المساءُ مرآةً على جِدار !

عن مجلة الثقافة العربية أزمان هاشم

مجلة الثقافة العربية - مجلة أدبية -شاملة - - نهتم بكافة النصوص الأدبية سواء كانت شعر أو نثر أو قصة أو مقال إلخ -- نمد إيدينا لنشر جمال اللغة العربية لغة الضاد ومساعدة المواهب الأدبية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبادة الفيشاوي
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini