» » - أعراف - للكاتبة- سونيا العبيدي





لم أغفر لحرب الأعراف أبدا التي أسرتني خمسة سنوات و أجبرتني على العيش في عاصمة وطني تركتني هناك وحيدا دخيلا على أبنائها في الغربة حفاظا على حياتي كأنها ركلتني بالهواء استقر مع الغيوم أنتظر لحظة أن تنهمر فيه أشواقي مع قطرات مائها لأشم رائحة أختي في قبرها و أرسل لها قبلاتي ..
 كانت تلك أطول خمسة سنوات عانيت بها كأنها خمسة عقود حددت في النهاية أن تكون أختي هي من تنفى إلى القبر بدل الغربة ومنذ ذلك الوقت صرت أصارع الزمن حتى تسبق خطاي إخوتي لأكون في مقدمتهم أثناء خروجي من المنزل أو المدرسة أو حتى دكان حينا حفاظا عليهم من أن ينفوا هم الآخرين إلى قبور ولا أستطيع أن أزور قبورهم لأساقيها وأضع عليها الورود أو أشعل لهم شموعا تضيء لهم ظلمات أجسادهم رغم أن ذلك كان يكلفني غالبا أن أودع أمي رهبة من ألا أعود ثانية لأراها ....
 
في يوم من هباء الماضي أخبرنا أبي بأن شجار نشب بينه وبين جارنا الذي يقطن أمامنا وأنه توعده بالقتل إن رآه غدا ...
قرر أبي أن يصطحبنا هو للمدرسة  استبقنا خروجه أنا وأختي بينما عاد ليحمل معه السلاح نصاب بالذعر إذا بجارنا يقف أمامنا شاهرا سلاحه هو الآخر أفرغ أبي دون أن يعي من خلفنا رصاصتين أحدهما استقرت في رأس جارنا والأخرى في قلب أختي التي كانت تسبقني ببضع سنتيمترات فقط حاملة كتبها تضمها إلى صدرها ....
 
أذكر حينها تمددت جثة جارنا أولا وبدأ أبي بالصراخ فرحا بانتصار سلاحه عليه وبعد برهة فقط جرى لاهثا نحو جثمان أختي ظننا منه أن سلاحه هزمه أيضا ..
آنذاك لم أصحح لأبي خطأه أبدا ولم أطفأ فرحته بالنصر حينها....
 
ومنذ ذلك الحين أخاف أن أخبر إخوتي وأمي بأن الرصاصتين أطلق سراحهم من سلاح أبي و بأن البيت الذي تحن له طالما يحمل روح أختي في داخله معطرا بدماها التي نزفها قلبها قبل مماتها....
 
كتب عليه " هذا الدار مطلوب عشائريا "

عن مجلة الثقافة العربية أزمان هاشم

مجلة الثقافة العربية - مجلة أدبية -شاملة - - نهتم بكافة النصوص الأدبية سواء كانت شعر أو نثر أو قصة أو مقال إلخ -- نمد إيدينا لنشر جمال اللغة العربية لغة الضاد ومساعدة المواهب الأدبية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبادة الفيشاوي
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini