في علم العروض و القافية
البحث الثالث
في حروف القافية
تحدثنا في بحث سابق عن حروف القافية و قلنا انها التأسيس و الردف و الروي و الوصل و الخروج .. كما تحدثنا عن أنواع القوافي .. و هي خمسة أنواع .. و فصلناها .. و قلنا انها :
المتكاوس و المتراكب و المتدارك و المتواتر و المترادف
و تكلمنا بشكل مفصل عن حرف الروي و الوصل و الخروج .. و سنبحث الآن في ألف التأسيس ..
ألف التأسيس
1- في ألف التأسيس
حرف التأسيس لا يكون الا ألفا .. و هو حرف الألف المصمت الذي يأتي قبل حرف الروي بحرف واحد .. أي أن بينه و بين حرف الروي حرف واحد فقط .. في حين أن الردف يأتي مباشرة قبل حرف الروي .
مثال على ألف التأسيس : مراكب .. قبائل .. جداول .. جدائل ... الخ ..
فاذا جاء هذا الحرف في البيت الأول من القصيدة .. فعلى الشاعر أن يستمر في باقي الأبيات على منواله .. و لا يكون حرف التأسيس واوا و لا ياء .. و الا اعتبر هذا الحرف كباقي احرف القافية ..
فاذا كان البيت الاول مؤسسا . يجب الاستمرار كذلك . و الا أصاب القصيدة عيب في القافية ..
مثال على ألف التأسيس .. قول المتنبي :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم .. و تأتي على قدر الكرام المكارم
و تكبر في عين الصغير صغارها ... و تصغر في عين العظيم العظائم
انظر الى الألفاظ : العزائم في صدر البيت الأول.. و .. المكارم ..و العظائم في عجزي البيتين المذكورين
و التأسيس
وهو مأخوذ من قولك أسست البناء .. و التأسيس ألف بينها و بين حرف الروي حرف متحرك يسمى الدخيل لأنه تدخل بين ألف التأسيس و بين الروي .. و هو خرف قابل للتغيير في ألأبيات الأخرى و لا يلزم تكراره .. كقول النابغة الذبياني :
كليني لهم يا أميمة ناصب ... و ليل أقاسيه بطيء الكواكب
فألف كلمة ناصب هي ألف التأسيس و حرف الصاد هو الدخيل ، و كذلك ألف الكواكب هي التأسيس و الكاف قبل حرف الباء هي الدخيل و الباء حرف الروي ، فان كان بين هذه الألف و بين الروي حرفان أو أكثر لم تكن تأسيسا .. مثل مواويل و أزاهير و عواميد
و لا يخلو أمر ألف التأسيس من أحد امرين ، اما أن تكون هي و الروي من كلمة واحدة .. كقول النابغة :
دعاك الهوى و استجهلتك المنازل ... و كيف تصابي المرء و الشيب شامل
واما أن تكون من كلمة و الروي من كلمة أخرى .. كقول سحيم عبد بني الحسحاس :
ألا ناد في آثارهن الغوانيا ... سقين سماما ، ما لهن و ما ليا
فهي تأسيس أيضا .. و لا يعتبرها البعض تأسيسا
و في قول الشاعر :
اذا زرتُ أرضا بعد طول اجتنابها ... فقدتُ صديقي و البلاد كما هيا
و القصيدة مؤسسة .. و من لم يجعلها تأسيسا ، أجاز معها : معطيا و موليا .. فان كانت الكلمة التي قبل الروي ، لا ضمير فيها .. فلا تأسيس هناك .. قال الشاعر :
و اذا تكون كريهة أدعى لها ... و اذا يحاس الحيس يدعى جندب
هذا لعمركم الصغار بعينه ... لا أم لي، ان كان ذاك ، و لا أب
و ألف التأسيس كما جاء في كتب التراث
هي الألف التي تأتي قبل حرف الروي و يفصله عنها حرف متحرك واحد . مثال ذلك " معاقل .. مشارب .. منازل .. الخ .. "
أو أن ان المؤسس من الشعر ما كانت فيه ألف بينها و بين حرف الروي ، حرف يجوز تغييره ، فذلك الحرف يسمى الدخيل .. لأنه تدخل بينه و بين حرف الروي .
و جاء في كتاب " القوافي " للأخفش الأوسط :
" أما التأسيس ، فألف ساكنة دون حرف الروي بحرف متحرك يكون بين حرف الروي و بينهما ، يلزم في ذاك الموضع من القصيدة كلها .. نحو ألف فاعل من لامه . " .
و يضيف الأخفش الأوسط :
" فان كانت الألف في كلمة سوى الكلمة التي فيها حرف الروي ، و لم يكن الروي حرف اضمار ، لم تجعل تأسيسا ، و أجري في موضعها من القصيدة ، جميع حروف المعجم ، نحو قول عنترة :
و لقد خشيت بأن أموت و لم تدرْ ... للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمي عرضي و لم اشتمهما ... و الناذرين اذا لم ألقهما دمي
فهذه الألف لا تكون تأسيسا لأنها منقطعة من ميم دمي ، و ليست من ضميره ، و قال العجاج :
فهن يعكفن به اذا حجا
عكف النبيط يلعبون الفنزجا
فهذه الألف لا تكون تأسيسا لأنها منفصلة . "
فان كانت الألف منقطعة و حرف الروي من اسم مضمر ، جاز أن تجعل الألف تأسيسا و غير تأسيس .
و قال زهير بن أبي سلمى :
ألا ليت شعري هل رأى الناس ما أرى ... من الدهر أو يبدو لهم ما بدا ليا
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... و لا سابقا شيئا اذا كان جائيا
فألف بدا منقطعة عن ليا . و انما تلزم هذه الألف المنقطعة ، و تكون تأسيسا اذا كان حرف الروي ضميرا ، نحو ياء ليا ، أو حرفا من مضمر نحو ميم هما في قوله كما هما ، و ياء هي كما في قوله هي ما هيا .
و أما قوله " كتابك " و ثيابك " فلا تكون الا تأسيسا لأن ألف التأسيس ليست في كلمة ، و حلف الروي في أخرى ، و لأن الكاف هي حرف الروي .
وقد لاحظت أن عددا من الشعراء مع احترامي لجميع الأخوة و الأصدقاء الشعراء .. يستعمل هذه الألف في المكان الخاطئ و ربما كان ذلك دون شعور منه أن في القافية خللا ما ، و لا أسمي ذلك خللا و انما عيبا في القافية وهو ما يمكن أن أسميه " التذوق الاحساسي او الحسي " اذ أن الشاعر يعتقد أن البيت أو القافية خالية من أي خلل أو عيب ، فالوزن صحيح و لا وجود لأي خلل عروضي .. أو أنه يغض الطرف عن العيب المذكور طالما ان الوزن يعتبره صحيحا . انما بتذوقنا الاحساسي يجعلنا نشعر بوجود عيب ما .. في القافية ..
فلكي تكون القصيدة فيما يتعلق بألف التأسيس ، خالية من هذا العيب .. على الشاعر أن يتابع أبياتها بالنسبة هذا الموضوع كما هو في البيت الأول .. فاذا أسس الشاعر قافية البيت الأول . فعليه أن يتابع تأسيس باقي الأبيات . أما اذا كانت قافية البيت الأول خالية من ألف التأيس .. فعليه متابعة ذلك في باقي الأبيات ..
....
خالد ع . خبازة
المراجع : عدد من كتب التراث