إنِّـي أحِـنُّ إلـى الـنَّــواعـيــرِ/بقلم الشاعر/ محمد عصام علوش

 هَـلْ كان ذاكَ الـتُّربُ مِـسكًـا أذفَـرا  أوْ كان مِن فَـوْح الجِـنان تعَـطَّرا؟

يـا أيُّـهـا الـوَطنُ الـمُـضمَّـخ بـالـشَّذا  (زِدني بـفَـرْطِ الحبِّ فيكَ تَحيُّـرا)

إنِّـي أحِـنُّ إلـى الـنَّــواعـيــرِ الَّــتـي  أسَـرَت فـؤادي بـالجَـمـالِ مُعبِّـرا

عَـزَفـتْ مـن الأنغـامِ ألحـانَ الهَـوى  وشدَتْ بـصوْتٍ كـان مـنها سُـكَّرا

وسَقـتْ خـمـورَ العِشْقِ صَبًّا مُـدنَـفًـا  ما رامَ غـيـرَ كُـؤوسِها كيْ يَسكَرا

يـا ربَّــةَ الحـسـنِ الـفــريـدِ تـرَفَّـقـي  إنَّ الـفـؤادَ مِـن الـبُـعــادِ تَــفـطَّـرا

فـغـدا كـمـا الـمَـذبـوحِ في خـفـقـانِـه  فـيـهِ الـهُــيـامُ يـكـاد أنْ يَـتـفـجَّــرا

سُـفِـحَـت على العاصي دماءُ وَريدهِ  فـأبـاحهـا لـمَّــا الجَــنـانُ تَـسـعَّــرا

للهِ ذيَّــــاكَ الـنَّــســـيـمُ وَلُــطـــــفُــهُ  مـا مِـثـلُـه يـومًـا نَـسـيـمٌ  قـد سرى

غـنَّـت لـه الأطـيـارُ فـارتـدَّ الصَّدى  نـغـمًـا يـنـاغـي في نـداوتـهِ الـذُّرا

وتـمـاهَـتِ الجـنَّـاتُ حـوْلَ ضـفـافـهِ  تضفي على الأجـواءِ سِحرًا أكبرا

رَسَـمَـتْ من الألْـوانِ لـوْحـةَ مُـبـدِعٍ  وكـأنَّ كـلَّ الحـسـنِ فـيـهـا صُوِّرا

الــزَّيْــزفـونُ مـســافـرٌ فـي فــوْحـهِ  يغـزو الـفضاءَ عن العطورِمُخبِّرا

والحَـوْرُ والـصَّفـصافُ هَـمسةُ والِهٍ   تـدعـو إلى ساحِ الغـرامِ صنَـوْبَرا

والـسِّــنــدِيــانُ مُـعـــرِّشٌ بـظِــلالـهِ  فـتـراه مـن فـرَحٍ بـها مُـتـبَـخـتِـرا

تـتعـانـقُ الأغـصـانُ في أدواحِـهـا   تعطي دروسَ الحبِّ أفـئـدةَ الوَرى

فـيَشـيـمُـهـا العـشَّاقُ شَـيْـمَ سَـحـابَـةٍ  يـرجون مـنها أنْ تجـودَ وتُـمـطِرا

وكأنَّما الـفِــردَوْسُ ضِفَّـتُـه الَّـتي ارْ تـاحـتْ على كـتِـف الـبهاءِ فـأبْهَرا

تـرتـادها الحـورُ الحِـسانُ فـيـلـتـقي   حُـسْـنانِ فـيها في الطَّـبـيـعةِ قُـدِّرا

نـثـرَ الـجـمـالُ على حـمـاةَ  فـنـونه   وأبــى عـلى الأيَّــامِ أنْ تـتـغـيَّــرا

نـاعـورةَ العـاصي إلـيْـكِ صبـابَـتي وإليْك بَوْحي في الضُّلوعِ مُسَطَّرا

هـاتـي الحُــداءَ وَرَدِّديـه بـمَـسـمَعي  ما كان غـيرُكِ في الحُـداءِ مُـؤثِّرا

وخذي دموعي الشَّاكياتِ من النَّوى  تجـري مع الـنَّهْـرِ الـمُعطَّرِ أنهُرا