على شرفة متطرفة ،
جلستْ تحتسي قهوتها ، باردة خفيفة ، قد نفذ البن والوقود من المنزل كباقي المواد ...
امتدت المدينة أمام ناظريها ، مغرقة في ظلام دامس ... صوت جدال خفيف بين أولادها
يصل إلى مكانها . تبقى تحدق في الظلام ، لا تبدي حماسا للأصوات التي حولها . تعجبت
نبرة الغضب في صوت ابنتها الرقيقة وهي تقول : أنت تستهلك البطارية المشحونة التي
تزودنا بالكهرباء على سماع نشرات الأخبار . بينما ابنها جاوب بحزن : ألا يستحق
الأمر !؟ .. يستحق .. ولكن أنا علي أن أدرس ساعات الليل .. لدي امتحان غدا .. والحقيقة لم
أعد أتحمل أن أشاهد و أسمع شيئا ، غرقى ، قتلى ، تحت الأنقاض ، فوق الأنقاض . أوصدتْ
باب شرفتها ، قربتْ كرسيها من حافة الشرفة ... حدقتْ ... هناك على جسر قريب يعبر
عليه المشاة ، علق ضوء ... أنار بشدة صورة القائد ، يشرف على المدينة من علٍ
،عمامة بيضاء،عيون حالمة ، تحدق في الأفق البعيد تستشف الحل الأبدي لحياة أبدية . تأملتْ
الصورة ، الضوء الشديد يضيء جسرا مهجورا شاحبا ... هزت رأسها ... أدارت كرسيها
باتجاه معاكس ... أكملتْ قهوتها على ضوء ظلام دامس .