عيونكِ لا تَبِرّ ولا تُبارى
لذلك كلّنا فيها حَيارى
عيونكِ دهشةٌ سَكرى وليلٌ
تدور مشاعري مِن حيث دارا
وإني يا عفاف الطرفِ أنجو
بصوتكِ كلما آنستُ نارا
فلو كَشف الحنينُ على ضلوعي
لكنتُ لوابِل العشّاقِ غارا
لماذا بِنتِ يا كحل المنافي
إلى أن ضيّع الليلُ النّهارا ؟
سيخنُقني خِمارُكِ ذاتَ شوقٍ
فردّي عن مآسِيَّ الخِمارا
ستثقُبُني رموشُكِ، تلكَ أيضًا
تلاحقني وتدرِكُ ما توارى
ويَحطِبُني شذاكِ! إذنْ تعالي
على نزَقٍ ولا تَرعَيْ جِوارا
لأنّكِ والشّآمَ بلا عديدٍ
أعُدُّ ملامِحي دارًا فَدارا
هنا يكتظُّ بالمنفى قَليلي
ويُمطِرُني جبينُكِ حيث ثارا
هنا لا بدّ أنْ تَقفي رجاءً
هنا تتصبّبُ الدّنيا وقارا
أرى فيكِ المسافةَ ياسَمينًا
على آلائهِ أرخى السّتارا
أرى مجدًا دمشقيًّا نبيًّا
أرى شعبًا بهِ التاريخُ سارا
أرى وطنًا بلا حدٍّ كبيرًا
يُعَتّقُنا ويَغرسنا كِبارا
وزيتونًا مَعرّيًّا كفيفًا
يعود لرُشدهِ حتى السُّكارى
لقد صعد الشموخُ إليهِ جارًا
فكيف عليهِ هذا الدّهرُ جارا !
أراكِ بكلّ ما أُوتِيتُ فَقدًا
تَصُرّينَ الدّيارَ ولا دِيارا ..
ولي في مَدمَعَيْكِ أبٌ وأمٌّ
وجيرانٌ وأحلامٌ عَذارى
وأسرارٌ تُخبّئُني صغيرًا
ففي ذكراكِ مازلنا صِغارا
وما زالتْ صَبيّاتٌ وصَحبٌ
وأشواقٌ وضِحكاتٌ سَهارى
إلى أين الرحيلُ..
وكلّ نفسٍ إذا ارتَحلَتْ تكونينَ الخَيارا ؟
أيُرغمُكِ الّذينَ بكِ اسْتمرُّوا
قيودًا أو أرادوكِ انْكسارا
أيجرحُكِ الغبارُ ! فَدتْكِ روحي
سننفُضُ عن مفاتِنكِ الغُبارا
أيزعجكِ الغزاةُ إذا تعالَوْا
وهمْ بالفخرِ ما زالوا قِصارا ؟!
إلى أيّ البلادِ ..
فمِصرُ حتّى على الأجداثِ ما مَلَكتْ قَرارا
إلى اليمن السّعيد ! وأيّ سَعدٍ
إذا خدَعوهُ وانْتَصروا دَمارا
يحاصرُنا الغُثاء ، فهل سنمضي
بكلّ الطّهرِ نحوَهُمُ فِرارا !؟
ونحن منَ المُصاب أشدُّ بأسًا
وأمضى خافقًا مهما تمارى
ويأسُرنا الجمالُ ، فهل نُساوى
بمَنْ في غَيّهمْ عاشوا أُسارى !
نعم ، حقًّا خُذِلْتِ وكان أحرى
بجرحكِ يا حبيبةُ أنْ يُدارى
فضمّي الصبرَ وانْتظري قليلًا
سنسمو ثُمّ يَنتَكسونَ عارا
وأرجوكِ اسْتقرّي يا عفافي
كآمالي وكُونِينا مِرارا
وإلّا فاحمِليني فوق شِعري
إذا تنّورُ هذا الجرحِ فارا ...
وائل الأسود
20/9/2019