إنتباه- بقلم الكاتب- عبد السلام الإبراهيم
جدي فارس لا يشق له غبار، يقضي يومه على صهوة فرسه، يرمح بين القرى والمزارع متحديا الفرسان بالسباقات، وكان على جدتي المسكينة أن تسد مكانه ، فتزرع وتقلع وتحصد في الحقل، وتطبخ وتغسل وتربي في المنزل، يساعدها في هذه الأعمال الشاقة حمار جدي الأشهب.
في المساء يعود جدي إلى القرية، وبعد أن يتناول طعامه، يجلس في ( الربعة) ويتحلق حوله رجال القرية، يحدثهم عن مغامراته وانتصاراته ، وعن تعلقه بفرسه (أصيلة) وحماره الأشهب.
وفي أمسية طالما حدثني جدي عنها، وبينما كان عائدا إلى القرية لاحت له من بعيد تلك الآلة العجيبة ، التي أغرم بها من أول نظرة عندما شاهد الجنود الفرنسيين يمتطونها، أدهشته سرعتها وخفتها وقوتها والتفافها بكل مرونة .
أقترب منها بحذر ، فوجد عندها ضابطا فرنسيا ، في البدء بيّت في نفسه أن يقتله ويستولي على آلته العجيبة، فهو لطالما كرههم ومقت فجورهم وعنجهيتهم، ولكن الفرنسي سارعه بعرض مغري وقال:
سيارتي نفذ وقودها ..ما رأيك أن تعطيني فرسك مقابل السيارة ؟ .. إملأها بالوقود وسوف تعمل ، لا أريد المبيت في هذه البرية الموحشة ، واعطاه درسا موجزا عن كيفية تشغيلها وقيادتها.
لم يتردد جدي في قبول العرض، أعطاه لجام (أصيلة) وأخذ مفاتيح السيارة .
في صباح اليوم التالي عاد جدي ومعه عدة رجال يدفعون السيارة بأيديهم حتى اوصلوها البيت، وهناك تجمهرت القرية بل والقرى المجاورة بشيبها وشبابها، ونسائها وأطفالها، مندهشين، فرحين ، بمنظر السيارة ، ومما ضاعف في فرحتهم ذاك الصباح ، النبأ السعيد بجلاء آخر جندي فرنسي عن أرض البلاد، فأقيمت الدبكات والأفراح ، وذاع صيت جدي، وكيف استخلص السيارة من بين يدي الفرنسي الجبان ، حتى أصبح زعيما يستشيره الجميع في أمور البلاد والعباد.
أما عن السيارة ، فقد جلب جدي الوقود وملأها ولكنها لم تعمل وفشلت كل محاولاته لإيجاد من يستطع إصلاحها .
بعد أشهر وجهد مضني، وبعد أن كلفته ثمن أرضه كلها، أصلحها وقادها أخيرا ، وبقيت مشكلة صغيرة، كلما وضع فيها المفتاح وأداره ، وأراد أن ينطلق ، تقول له السيارة :
إنتباه.. المركب ترجع إلى الخلف.
إنتباه.. المركب ترجع إلى الخلف.
ومازالت تقول حتى اليوم.
جدي فارس لا يشق له غبار، يقضي يومه على صهوة فرسه، يرمح بين القرى والمزارع متحديا الفرسان بالسباقات، وكان على جدتي المسكينة أن تسد مكانه ، فتزرع وتقلع وتحصد في الحقل، وتطبخ وتغسل وتربي في المنزل، يساعدها في هذه الأعمال الشاقة حمار جدي الأشهب.
في المساء يعود جدي إلى القرية، وبعد أن يتناول طعامه، يجلس في ( الربعة) ويتحلق حوله رجال القرية، يحدثهم عن مغامراته وانتصاراته ، وعن تعلقه بفرسه (أصيلة) وحماره الأشهب.
وفي أمسية طالما حدثني جدي عنها، وبينما كان عائدا إلى القرية لاحت له من بعيد تلك الآلة العجيبة ، التي أغرم بها من أول نظرة عندما شاهد الجنود الفرنسيين يمتطونها، أدهشته سرعتها وخفتها وقوتها والتفافها بكل مرونة .
أقترب منها بحذر ، فوجد عندها ضابطا فرنسيا ، في البدء بيّت في نفسه أن يقتله ويستولي على آلته العجيبة، فهو لطالما كرههم ومقت فجورهم وعنجهيتهم، ولكن الفرنسي سارعه بعرض مغري وقال:
سيارتي نفذ وقودها ..ما رأيك أن تعطيني فرسك مقابل السيارة ؟ .. إملأها بالوقود وسوف تعمل ، لا أريد المبيت في هذه البرية الموحشة ، واعطاه درسا موجزا عن كيفية تشغيلها وقيادتها.
لم يتردد جدي في قبول العرض، أعطاه لجام (أصيلة) وأخذ مفاتيح السيارة .
في صباح اليوم التالي عاد جدي ومعه عدة رجال يدفعون السيارة بأيديهم حتى اوصلوها البيت، وهناك تجمهرت القرية بل والقرى المجاورة بشيبها وشبابها، ونسائها وأطفالها، مندهشين، فرحين ، بمنظر السيارة ، ومما ضاعف في فرحتهم ذاك الصباح ، النبأ السعيد بجلاء آخر جندي فرنسي عن أرض البلاد، فأقيمت الدبكات والأفراح ، وذاع صيت جدي، وكيف استخلص السيارة من بين يدي الفرنسي الجبان ، حتى أصبح زعيما يستشيره الجميع في أمور البلاد والعباد.
أما عن السيارة ، فقد جلب جدي الوقود وملأها ولكنها لم تعمل وفشلت كل محاولاته لإيجاد من يستطع إصلاحها .
بعد أشهر وجهد مضني، وبعد أن كلفته ثمن أرضه كلها، أصلحها وقادها أخيرا ، وبقيت مشكلة صغيرة، كلما وضع فيها المفتاح وأداره ، وأراد أن ينطلق ، تقول له السيارة :
إنتباه.. المركب ترجع إلى الخلف.
إنتباه.. المركب ترجع إلى الخلف.
ومازالت تقول حتى اليوم.