» » إنهم يعبرون الشمس- بقلم الكاتبة – أمينة الجنابي

في صيفٍ قائظ تهدهدُني أمي التي ما انفككتُ أسألها حين رؤيتي القمر: ماما، هل لي أن أصل إليه؟ ألمسه؟ إنه صغير.
_
حرام ابني، نم نم.
_
طيب والشمس؟
_
ابني هذا كفر، الشمس ملكُ الله وتسكنُ السماء.
أحلامي تراودني كلّ يوم، تعطيني القمر..تسكنني السماء مع الشمس.
_
هل لي أن أحكي لك حلمي اليوم؟
_
لا تقل لي أنك أمسكت بال.. وسكنت السماء مع ال..! حفظتها ابني، تتبعها بضحكة حنانٍ. تضمني. أمي لا تصدقني
جاؤوا بتابوت أبي، يبكون..ينوحون وأنا أختبئ خلف الباب أنظر للبواكي. أمي تقبل وجههُ وتخاطب الجمع: انظروا إلى وجهه، هو كالقمر، بل كالشمس، إنه يبتسم ابتسامة شهيد... تعاود البكاء.
بعد أسبوع، هدأت قليلا فسألتها: أين أخذه الرجال؟
ردت: إلى السماء..نم بني، نم.
نمت وقد رأيته خلف الشمس، ذهبتُ إليه بالقمر؛ فاحتضنني..حلقنا سوية من سماءٍ إلى سماء.
صرتُ أخجل أن أروي لها أحلامي؛ إلاّ مرة أفلتت مني طائرتي الورقية واختفت؛ قالت لي أن طائرتك ستحطُ على بيت خالك بعد كم يوم ولن تصل السماء كما وصفتها في أحلامك.
_
ماذا يعني حلمٌ ماما؟
_
الحلم أن نعيش سوية بلا بابا،ننام ونأكل..ننام ونأكل.. وحين نكبر نلحق به.
_
حلمي ليس هكذا ماما! فقد طرنا أنا وأبي وحلقنا بعيداً جداً.
_
نم ولدي، نم
كل يوم أنام فيه.. أفيق وهما تلازمان غفوتي ويقظتي.
لم أعد أحبُ اليقظة، فكل يقظةٍ تعني وجهاً آخر مبتسماً. صرتُ أحب النوم أكثر من ذي قبل، ففيه مصاحبة السماء بلا وجوهٍ مدمّاةٍ ونساءٍ نائحات.
تمنعني أمي من الخروج في زمن الابتسامات؛ ولكنّ طائرتي الورقية الجديدة تسحرني..تشدني إلى الشمس هربتُ ظهراً وهي قائلة.
اعتليتُ جناحيها، فطرنا سويةً.
أمسكتُ بالقمر؛ أهديته لأبي، عندها اختفينا خلف الشمس.
_
الشمس ليست حارقةً أمي كما قلت لي...القمر صغيرٌ كما أخبرتك.

عن مجلة الثقافة العربية أزمان هاشم

مجلة الثقافة العربية - مجلة أدبية -شاملة - - نهتم بكافة النصوص الأدبية سواء كانت شعر أو نثر أو قصة أو مقال إلخ -- نمد إيدينا لنشر جمال اللغة العربية لغة الضاد ومساعدة المواهب الأدبية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبادة الفيشاوي
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini