» » قراءة في القصة القصيرة –صلاة-للأستاذ- سليمان جمعة – القراءة للأستاذ الناقد- محسن الطوخي

القراءة
حطت النحلة على حجر، لم تحط النحلة فوق بتلات الزهرة تتلمس الرحيق.
هل خاصمت النحلة الزهرة؟ ، فاستبدلت بها حجرا؟.
مالها النحلة تبكي؟، يعتصر قلبها حزن دفين، تساقط لواعجه قطرات من عسل مصفى، يسيل على خميل الورد.
-
أتبكين؟
وكأن الوردة المشتاقة لدبيب النحلة قد هيج فؤادها العسل المسكوب انسكاب الدمع.
في السؤال هلع، وحزن. وفي انتشار الأريج - يبوح بالحزن ويعكسه - توق والتماس للعون لدى عناصر الطبيعة والكون، علها تهدهد أحزان النحلة، وترتق جروحها.
لكنها - الطبيعة - ليست رحيمة في كل ٱن، للطبيعة مسارات لا تحكمها لواعج الحزن، ولا استشرافات الأمل.
نحل البادية الفظ يمتطي صهوة الشوق، مسفراً عن نهم وحشي لالتهام العسل المسال، لا يردعه رفيف أجنحة شفيفة تنعي الأهل والخميل، والصحاب، ولا شذى يسعى ملتمساً العون في الأرجاء.
يلتهم النمل سكراناً بالنشوة روح السكر المذاب. تدوي صرخات النشوة من بين فكوك شرسة عطشى للمتعة المجانية. يرتاح السراب إذ اتخمته صرخات البهجة واللذة.
لك الله أيتها النحلة، قدرك أن تصير ٱلامك وأحزانك صدىً تتجاوب به الأرجاء. يحمله الأثير من واد إلى واد ، ليزهر أينما حل ألماً يولد من رحمه أمل جديد.
يمتلك صديقي القصاص الشاعر سليمان جمعة  زاداً من مهارات اللغة، ومن القدرة على فهمها، واستيعاب ماتختزنه الكلمات من طاقة قادرة على تفجير اللحظة الشعورية المطلوبة للقصة القصيرة، والتي يمكن تسميتها البؤرة، أو لحظة الأزمة.
تأمل كيف عرٍِِّف الفنان زهرة البنفسج تعريفاً واضحاً جلياً بالألف واللام، باعتبارها الشاهد الموثق للحدث، بينما جهَّل النحلة.. " حطت نحلة ". أما الحجر فتركه مابين التعريف والتجهيل، حيث يمثل الحجر العالم الذي تدور فيه الأحداث، ومناط التأمل، فلم يعرفه إلا بنسبته إلى زهرة البنفسج ،" يعلوها بقليل " .
-
تامل المزج بين الدمعة تنحدر من العين، وبين قطرة العسل تتهاوي فوق الخميل، وهو مزج في الصورة من حيث حركة الكتلة، لكنه ينطوي على إحساس كثيف بالمرارة من حيث تحول قطرة العسل المصفى خلاصة البهجة والشفاء والارتواء، إلى صورة السائل الملحي الذي يعبر عن الكدر والحزن، والهم. وهو تصور على ماينطوي عليه من دلالة التقابل يحتوي على ثراء تعبيري إذ يشرك أكثر من حاسة لاستقباله.
كذلك التقابل في " الصراخ اللذيذ " .. و " نشيد الألم " .
تلك المهارات التعبيرية استطاعت أن تشحن النص القصير بدفقة من الدلالات والإيحاءات مزجته بطاقة شعرية، وارتفعت بمستوى التجربة القصصية إلى ما يتجاوز الحدث البسيط إلى مصاف القاعدة الكونية التي أشرت إليها، واقتربت بالتجربة مما يشبه الصلاة .. صلاة من أجل عذابات - لا أقول الإنسان 

- بل عذابات الكائنات.
صديقي المبدع سليمان جمعة نسيج وحده .
كل التحية والتقدير له.

نص القصة

صلاة
 أتبكين ؟
ارتعشت زهرة البنفسج قبالة نحلة حطت على حجر يعلوها بقليل..باح عطرها وانتشر إعلانها عن حزن النحلة التي،وحيدة بعد تدمير قريتها ،استمرت بالرفيف الدامع...وتساقطت قطرة العسل على خميل الورد الحيي
...اكتسحها نحل البادية الفظ و.....التهمها
 ارتاح السراب مكتظاً بالصراخ اللذيذ

اعتل الصدى المزهر يبوح بنشيد الألم ..

عن مجلة الثقافة العربية أزمان هاشم

مجلة الثقافة العربية - مجلة أدبية -شاملة - - نهتم بكافة النصوص الأدبية سواء كانت شعر أو نثر أو قصة أو مقال إلخ -- نمد إيدينا لنشر جمال اللغة العربية لغة الضاد ومساعدة المواهب الأدبية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبادة الفيشاوي
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini