» » من مذكّرات شاعر حديث (العهد) بقلم / أسامة حلبي




___________________

(1)

حافيةَ الرأسِ
غادرَتْ أولى قصائدي
ساحةَ الشِّعرِ
فالتقطتْها عدسةُ محاربٍ قديمٍ
ضمَّدَ بعضَ حُروفِها
حمَلَها على لوحِ أنينها
إلى مخيم تدريبٍ قريبٍ
فانتفضَ طبيبُ الميدانِ إذ رآها
مسجِّلا على ورق سيّجَهُ الغبارُ :
"إصابتُها بليغةٌ
إلى مشفى الطوارئِ
تحتاجُ عملياتِ تجميلٍ وزرعٍ
وقد يكونُ حَصادٌ
أو يعلو جمرَها رمادٌ"

(2)
وفي مشفى الشعرِ للجراحةِ
تفحّصَ جَراحٌ مناوِبٌ
أطرافَ القصيدةِ
وتساءلَ مندهِشا :
"من ذا أدخلَها إلينا
هذهِ الرقيقةُ، الحليمةُ، السليمةُ؟"
فكَّ الحروفَ من ضِمادِها
وسجَلَ :
"خَطأ في المُعايَنَةِ"

(3)
قفزَ النصُّ المُحيَّرُ
عنْ سريرِ الوزنِ
لونُ حروفهِ تغيّرَ
لبسَ بعضَ ثيابَهُ
وهروَلَ مُغادِرا
على رؤوسِ أحلامهِ
نحو أطرافِ المدينةِ
يجري ويسألُ :
"هل أنا نصٌ أم قَصيدَةٌ
نثرٌ مسّجَعٌ ؟
شِعرٌ مقيَّدٌ؟ محرَرٌ
أم قصةٌ فريدَةٌ؟"

(4)

وكان أن جلستُ
تحتَ ظلِّ غيمةٍ رصينةٍ
أمطرَتْني على مَهَلٍ
جوابا بسيطا
مضيءَ المعاني:
"ليسَ للأطباءِ رأيٌ واحدٌ
ولا للنقادِ ذوقٌ واحدٌ
دع النصَّ يتشكلُ كما تريدهُ
أو كما يُريدُ أن تراه
وقد علمتُ من مصادري الكثيرةِ
أنْ ليسَ غيرَ الشاعِرِ
طبيبٌ للقصيدةِ"!
___________



عن مجلة الثقافة العربية أزمان هاشم

مجلة الثقافة العربية - مجلة أدبية -شاملة - - نهتم بكافة النصوص الأدبية سواء كانت شعر أو نثر أو قصة أو مقال إلخ -- نمد إيدينا لنشر جمال اللغة العربية لغة الضاد ومساعدة المواهب الأدبية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبادة الفيشاوي
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini