___________________
(1)
حافيةَ الرأسِ
غادرَتْ أولى قصائدي
ساحةَ الشِّعرِ
فالتقطتْها عدسةُ محاربٍ قديمٍ
ضمَّدَ بعضَ حُروفِها
حمَلَها على لوحِ أنينها
إلى مخيم تدريبٍ قريبٍ
فانتفضَ طبيبُ الميدانِ إذ رآها
مسجِّلا على ورق سيّجَهُ الغبارُ :
"إصابتُها بليغةٌ
إلى مشفى الطوارئِ
تحتاجُ عملياتِ تجميلٍ وزرعٍ
وقد يكونُ حَصادٌ
أو يعلو جمرَها رمادٌ"
(2)
وفي مشفى الشعرِ للجراحةِ
تفحّصَ جَراحٌ مناوِبٌ
أطرافَ القصيدةِ
وتساءلَ مندهِشا :
"من ذا أدخلَها إلينا
هذهِ الرقيقةُ، الحليمةُ، السليمةُ؟"
فكَّ الحروفَ من ضِمادِها
وسجَلَ :
"خَطأ في المُعايَنَةِ"
(3)
قفزَ النصُّ المُحيَّرُ
عنْ سريرِ الوزنِ
لونُ حروفهِ تغيّرَ
لبسَ بعضَ ثيابَهُ
وهروَلَ مُغادِرا
على رؤوسِ أحلامهِ
نحو أطرافِ المدينةِ
يجري ويسألُ :
"هل أنا نصٌ أم قَصيدَةٌ
نثرٌ مسّجَعٌ ؟
شِعرٌ مقيَّدٌ؟ محرَرٌ
أم قصةٌ فريدَةٌ؟"
(4)
وكان أن جلستُ
تحتَ ظلِّ غيمةٍ رصينةٍ
أمطرَتْني على مَهَلٍ
جوابا بسيطا
مضيءَ المعاني:
"ليسَ للأطباءِ رأيٌ واحدٌ
ولا للنقادِ ذوقٌ واحدٌ
دع النصَّ يتشكلُ كما تريدهُ
أو كما يُريدُ أن تراه
وقد علمتُ من مصادري الكثيرةِ
أنْ ليسَ غيرَ الشاعِرِ
طبيبٌ للقصيدةِ"!
___________