الجمعة، 24 فبراير 2017

في علم العروض والقافية(البحث الثاني) بقلم الشاعر خالد خبازة

في علم العروض و القافية

البحث الثاني  

في القافية  

كنا تحدثنا في البحث الأول عن القافية و أحرفها و أنها  مجموعة الحروف التي ينتهي بها البيت الشعري ، و يتحدد مجموعها بآخر حرف ساكن في البيت والذي يسبق حرف الروي  وما بعده من الأحرف ، مضافا اليها الحرف المتحرك الذي يأتي قبل الحرف الساكن المذكور مباشرة ، فمجموع هذه الحروف ،  هو ما يسمى " حروف القافية " و يسمى الحرف الأخير المتكرر مع الأبيات التي بعد البيت الأول " الروي " فيقال قصيدة رويها باء أو لام أو جيم ..الخ ..
و بالتالي ، لكي تكون القصيدة متوازنة و القافية مطمئنة وسلسة عذراء لا خطأ فيها ، أن تكون مجموع هذه الحروف في البيت و ما يليه من أبيات منسجمة و متفقة ، و الا اعتبر ذلك خللا ، و اعتبرت القافية معيبة . ليس من حيث تكرار جميع هذه الحروف ، و انما يجب أن تكون هذه الحروف متفقة و متوافقة من حيث الحركة و السكون فيما بينها وفي جميع الأبيات اللاحقة

و القوافي :
 ثلاثون قافية  ، يجمعها خمسة أسماء  : متكاوس ، متراكب ، متدارك ، متواتر ، و مترادف .
1-  فللمتكاوس منها واحدة ، فهي كل قافية توالت فيها أربع حركات بين ساكنين   . و ان اشتقاق المتكاوس من قولك : تكاوس  الشيء ، اذا تراكم ، فكأن الحركات لما تكاثرت فيه ، كأنها تراكمت  ..   كقول العجاج :
قد جبر الدينَ الالهُ فَجَبَرْ
و كقوله أيضا :
هلا سألت طللا وَ حَمَما

2- للمتراكب  أربع قواف  وهي كل قافية توالت فيها ثلاثة حركات بين ساكنين . مأخوذ من قولنا : تراكب الشيء اذا ركب بعضه بعضا . كقول الشاعر  (1) :
و ما نزلتُ من المكروه منزلة ... الا وثقت بأن ألقى لها فَرَجا
3- و للمتدارك ست قواف  وهي كل قافية توالى فيها حرفان متحركان بين ساكنين , كقول زهير بن أبي سلمى :
و من يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستغن عنه و يذمَمِ
كأن الحركتين تداركتا فيه
4- و للمتواتر سبع قواف وهي كل قافية فيها متحرك واحد  بين ساكنين  . كقول أبي خراش  الهذلي :
حمدت الهي بعد عروة اذ نجا ... خراش ، و بعض الشر أهون من بعْضِ
وهو مأخوذ من الوتر ، يعني الفرد

5- و للمترادف اثنتا عشرة قافية ، و هي كل قافية كان آخرها ساكنان و يقال له المترادف لأنه ترادف فيه ساكنان ..  كقول الشاعر (2) :
مَنْ عائدي الليلة أم مَنْ نصيحْ ...بتُّ بهمٍّ ففؤادي قريحْ
أو كقول الآخر (3) :
رفّعتَ أذيال الحفي و أربعْنْ ... مشي حيياتٍ كأن لم يفزعْنْ
ان يُمنع اليوم نساءٌ يُمنعْنْ


أما الحروف اللازمة  للقافية ، فهي :
التأسيس و الردف و الروي و الوصل و الخروج   .. و الأفضل البدء بالحديث عن الروي

و  حرف الروي  :

هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة ، و يلزم في كل بيت منها في موضع واحد . نحو قول الشاعر (4) :

اذا قل مال المرء ، قل صديقه ... و أومت اليه بالعيوب الأصابع

العين هنا ، هو حرف الروي وهو لازم في كل بيت  . و جميع حروف المعجم تكون رويا ما عدا الواو و الياء و الألف  اللواتي يكنّ للاطلاق  ، و هاء التأنيث و هاء الاضمار اذا ما تحرك ما قبلها ، و ألف الاثنين و واو الجمع اذا انضم ما قبلها  .
والروي هو آخر حرف في القافية المقيدة و هو  قبل الوصل في الشعر المطلق .. فالروي في  المقيد كالراء في قول امرئ القيس  :

فلا و ابيك ابنة العامري ... لا يدعي القوم أني أفرْ

 و في المطلق كالميم في قول

و لن يلبث المصران يوم و ليلة ... اذا كلبا أن يدركا ما تيمما

و في الروي من التمكن ما ليس في غيره من الحروف اللازمة ، فقد نجد شعرا خاليا من ألف التأسيس أو من الردف أو من الصلة و الخروج  ..  و لا يوجد شعر يخلومن الروي .




حرف الوصل :

أما الوصل  فلا يكون الا واوا أو ياء أو ألفا كل واحدة منها ساكنة في الشعر المطلق  . و يكون الوصل أيضا هاء و ذلك هاء التأنيث في همزة و نحوها و هاء الاضمار للمؤنث و المذكر ، و المؤنث متحركة كانت أم ساكنة  . نحو هاء غلامي .. و غلامها
و الهاء التي تبين بها الحركة نحو عليّه و عمه و اقضه و ادعه ، تريد: علي و عم و اقض و دع . فأدخلت الهاء لتبين بها حركة هذه الحروف  .
فكل هذه الهاءات لا تكون الا وصلا  متحركة كانت أم ساكنة . و لا تكون الواحدة منها رويا , الا  أن يكون ساكنا ما قبلها .

حرف الخروج  :

لا يكون الا واوا أو ياء أو ألفا بعد هاء الاضمار اذا كانت وصلا  ، نحو الألف بعد الهاء في قول الأعشى  :

رحلت سمية غدوة أجمالها ... غضبى عليك فما تقول بدا لها

و الياء في قوله :

تجرد المجنون من كسائهي

و الواو في قوله :

ومهمهِ عامية أعماؤهو

نكتفي بهذا القدر من بحث القوافي .. و سيكون موضوعنا لاحقا في  حرف الردف ، و في ألف التأسيس  ..  راجيا أن أكون قد وفقت .

........

خالد ع . خبازة

المراجع عدد من كتب التراث

1- البيت لابن الزبير الأسدي  من أبيات يقول فيها ك
لا أحسب الشر جارا لا يفارقني ... و لا أحزُّ على ما فاتني الودجا
و ما نزلتُ من المكروه منزلة ... الا وثقت بأن ألقى لها فَرَجا
لا جعل الله قلبي حين ينزل بي ... همٌّ تضيفني ضيف و لا حرجا
و لا ترامي على ما فات مكتئبا ... و لا تراني الى ما قيد مبتهجا
2- البيت لطرفة بن العبد
3- قاله غلام من بني جذيمة يقال لهم بنو مساحق يرتجز حين سمع القوم بجيش خالد بن الوليد .
4- ينسب البيت للمخبل السعدي في بيتين :
اذا المرء لم يقنَ الحياء اذا رأى ... مطامع نيل دنسته المطامع
اذا قل مال المرء ، قل صديقه ... و أومت اليه بالعيوب الأصابع

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini