الاثنين، 7 أغسطس 2017

نافذة على الشعراء العرب..بقلم الشاعر خالد خبازة

نافذة على الشعراء العرب

الشاعر الأول

العرجي

عبدالله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ،  الأموي القرشي ..  أبو عمر . و أم العرجي آمنة بنت عمر بن عثمان
شاعر غزل مطبوع من  شعراء قريش ، ينحو نحو عمر بن أبي ربيعة ، فتشبه به و أجاد .
كان شغوفا  باللهو و الصيد ، و كان من الأدباء الظرفاء الأسخياء ، و من الفرسان المعدودين .  صحب مسلمة بن عبدالملك في وقائعه بأرض الروم ، و أبلى معه لبلاء حسن و كان له  نفقة كثيرة . و هو من أهل مكة ، و سمي بالعرجي ، لأنه كان مقيما بقرية قرب "  العرج "  بالطائف  .
سجنه محمد بن هشام والي والي مكة في تهمة دم مولى لعبدالله بن عمر ،  فلم يزل في السجن الى أن مات  سنة  120 هجرية الموافق  737  ميلادية .
وهو صاحب البيت المشهور  :

أضاعوني و أي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة و سداد ثغر

و لحن  ابراهيم الموصلي في شعره ، قوله :

الى جيداء قد بعثوا رسولا ... ليحزنها ، فلا صحب الرسول

و جاء في الأغاني ،  أنه كان لعمر بن أبي ربيعة ابن صالح يقال له " جوان " ، و فيه يقول العرجي :

شهيدي جوان على حبها ... أليس بعدل عليها جوان

فجاء جوان بن أبي ربيعة الى زياد بن عبدالله الحارثي ، وهو اذ ذاك أمير على الحجاز ، فشهد عنده بشهادة ، فقال زياد :

شهيدي جوان على حبها ... أليس بعدل عليها جوان

ثم قال : قد أجزنا شهادتك !  و قبله .
ثم ان جوان هذا جاء الى العرجي ، فقال له : يا هذا !  ما لي و ما لك تشهرني في شعرك ، متى أشهدتني على صاحبتك هذه ؟! و متى كنت أنا أشهد  في مثل هذا ؟!
و ذكر عتبة بن ابراهيم اللهبي :  أن  العرجي باع أموالا عظيمة  كانت له ، و أطعم ثمنها  في سبيل الله ، حتى نفذ ذلك  كله .
و يقال ان العرجي خرج غازيا ، فأصابت الناس مجاعة ، فقال للتجار : أعطوا للناس ، و عليَّ ما تعطون ، فلم يزل يعطيهم و يطعم الناس حتى أخصبوا ، فبلغ ذلك عشرين ألف دينارا ، فألزم العرجي  تفسه  . و بلغ الخبر عمر بن عبدالعزيز فقال : بيت المال أحق بهذا ، فقضى للتجار ذلك المال من بيت مال المسلمين .
و يعتبر العرجي خيلفة لعمر بن أبي ربيعه لسيره على خطاه .. و يقال ان حبشية من مولدات مكة صارت الى المدينة .. فلما توفي عمر بن أبي ربيعة ، جعلت تبكي و تقول : من لمكة و شعابها ووصف نسائها و حسنهن و جمالهن .. فقيل لها : خفضي عليك ، فقد نشأ فتى من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، يأخذ مأخذه و يسلك مسلكه .. فقالت : أنشدوني من شعره . فأنشدوها ، فمسحت عينها و ضحكت و  قالت : الحمد لله الذي لم يضيّع حرمه .
و يقال انه كانت لعبدالله بن بن القاسم الأموي العبلي مولاة يقال لها كلابة .. فحلفت أن تنال من العرجي و تسود وجهه لأنه كان يكثر من التشبيب بالنساء ، ولقيته مرة يريد قصره ،  فجعلت ترميه بالحجارة و منعته من الوصول الى الباب ، فاستسقاها ماء ، فأبت أن تسقيه . فانصرف . و قال من البسيط و القافية من المتراكب :

حور بعثن رسولا في ملاطفة ... ثقفا اذا غفل  النسّاءةَ الوهِمُ
اليّ أن ايِتِنا هدأً اذا غفلت ... أحراسنا و افتضحنا ان هُمُ علموا

فجئت أمشي على هول أجشمه ... تجشم المرء هولا في الهوى كرم
اذا تخوفت من شيء أقول له ... قد جفّ فامض بما قد  قدّر القلم

أمشي كما حرّكت ريحٌ يمانية ... غصنا من البان رطبا طلّه الديم
في حلة من طراز السوس مشربة ... تعفو بهدّابها ما تندب القدم

و هن في مجلس خال و ليس به ...   عين عليهن أخشاها و لا ندم
لما بلغت ازاء الباب مكتتما ...  و طالب الحاج تحت الليل مكتتم

سدّدن لي أعينا نجلا كما نظرت ... أدْمٌ هجان أتاها مصعبٌ فطم
قالت كِلابة من هذا فقلت لها ... أنا الذي أنت من أعدائه زعموا

اني امرؤ لجّ بي حب فأحرّضني ... حتى بليت و حتى شفني السقم
لا تذكريني لأعداء لو انهُمُ ... من بغضنا أطعِموا الحمى اذن طعموا

و أنعمي نعمة تجزي بأحسنها ... فطالما مسني من أهلك النعم
ستر المحبين في الدنيا لعلهُمُ ... أن يحدثوا توبة فيها اذا أثموا

هذي يميني رهن بالوفاء لكم ... فارضَيْ بها و لأنف الكاشح الرَغَم
قالت رضيت و لكن جئت في قمر ... هلاّ تلبّثتَ حتى تدخل  الطُّلَمُ

خلت سبيلي كما خليت ذا عذر ... اذا رأته اناث الخيل تنتحم
حتى أويت الى بيض ترائبها ... من زيِّها الحلي و الحناء و الكتم

فبت أسقي بأكواس أعَلُّ بها ... أصناف شتى فطاب الطعم و النسم
حتى بدا ساطع مِ الفجر تحسبه ... سنا حريق بليل حين يضطرم

كغرّة الفرس المنسوب قد حسرت ... عنه الجِلال تلالا و هو مصطخم
ودّعتهن و لا شيء يراجعني ... الا  البنان و الا الأعين السُّجُمُ

اذا أردن كلامي عنده اعترضت ... من دونه عبرات فانثنى الكلم
تكاد اذ رُمٍنَ نهضا  للقيام معي ... أعجازهن من الأنصاف تنقصم

لما رأيت الذي يلقين من كمد ... و أن آخر ليلي سوف ينصرم
لبست ساجي على برديَّ منطلقا ... تحت الشمال و فيها قطقط شبم

.............

الشاعر الثاني

أبو النشناش النهشلي

أبو النشناش النهشلي من بني تميم    . شاعر من لصوص العرب  ، كان يعترض قوافل ما بين الحجاز و الشام .
كان في عصر مروان بن الحكم لا يعرف اسمه ، و كان في احدى غاراته على القوافل في الطريق بين الحجاز و الشام ، ظفر به عمال مروان بن الحكم ، فحبسه و قيده ، ثم أمكنه الهرب .
له شعر في أشعار اللصوص و أخبارهم .

 يقول من الطويل و القافية من المتواتر :

كأن لم ترَي قبلي أسيرا مكبلا ... و لا رجلا يرمي به الرّجَوانِ
كأني جوادٌ ضمّه القيد بعدما  ... جرى سابقا في حلبة و رهان

يقال ان أبا النشناش عندما فر من حبسه ، مرّ بغرابٍ على بانة ينتف ريشه و ينعب ، فجزع من ذلك ، ثم مر على حي من لهب ، فسألهم عن معنى ذلك فقال له رجل : ان صدقت الطير ، ستعود الى سجنك و قيدك و يطول ذلك بك ، و تصلب و تقتل . فقال له : بفيك الحجر ، قال : لابل بفيك .  و أنشأ يقول من الطويل و القافية من المتدارك :

اذا المرء لم يسرح سواما و لم يرح .. سواما و لم يبسط له الوجهَ صاحبُهْ
فللموت خير للفتى من قعوده ... فقيراو من مولى تدب عقاربُــهْ

و لم أر مثل الفقر ضاجعه الفتى ... و لا كسواد اليل أخفق طالبُـــهْ
فعش معذرا أو مت كريما فانني ... أرى الموت لا ينجو من الموت هاربُهْ

و لو كان شيء ناجيا من منية ... لكان أثير يوم جاءت كتائبه
و سائلة أين ارتحالي و سائل ... و من يسأل الصعلوك أين مذاهبه

مذاهبه أن الفجاج عريضة ... اذا ضن غنه بالنوال أقاربه
و داوية دهماء يُخشى بها الردى ... سرت بأبي النشناش فيها ركائبه

ليدرك ثأرا أو ليدرك مغنما ... جزيلا و هذا الدهر جم عجائبه
و دع عنك مولى السوء والدهرَ انه ... ستكفيكه أيامه و تجاربه

وتلقى عدوا من سواك ترده ... اليك فتلقاه و قد لان جانبه

.......
خالد ع .خبازة
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini