السبت، 21 أكتوبر 2017

قراءة في نص الكاتبة المبدعة ميسون السعدي - ليمون مثلج - بقلم الأستاذ – محمود عودة

ليمون مثلج قصة قصيرة محكمة بكافة عناصر القص، فهو كما عودتنا الكاتبة المبدعة يأتي من واقع البيئة الحياتية .. وضعنا النص في موقف مقارنة بين طفلين، تجاوزا مرحلة الطفولة المبكرة، الحياة وضعتهما على عتبة الرجولة بسرعة .. الأول يعد نقوده،بعد إخراجها من قعر الخزانة، ويفك العقد التي تحفظها، وقد كادت أن تهترئ من كثرة تداولها عداً وإحصاء وطياً، يهمس لأمه ينقصني 5000 ليرة ( يسمع همهمة أمه " الله رزاق كريم ") وهو يفكر في مشروع ما يجول بأفكاره .. اتسعت بسمته بعد أن شرب كأس الشاي، وينظر من نافذته إلى عربة الليمون المثلج، تقف أمام منزله وأولاد حارته يتحلقون حولها ينتظرون قدومه.. وهنا أتوقف قليلاً أما تعبير " تقف العربة أمام منزله " وأربطها مع اتساع بسمته، وهو إيحاء من الكاتبة يعود بنا إلى مدخل النص مع عبارة " ينقصني 5000 ليرة" وكأني أرى الكاتبة تضع هذا الطفل في مستقبل رجل أعمال لأنه يفكر في شراء عربة الليمون المثلج، لذلك يتحلق أولاد الحارة حول العربة وينتظرون قدومه، وهنا الكاتبة تظهر براعتها بحيث كل كلمة في النص لها دلالة، فانتظار قدومه لينفذ وعده لهم بشراء العربة، وإن لم تصرح به الكاتبة، وربما يشمل الوعد تقديم عصير الليمون لهم مجانا احتفال بشراء العربة .
وتنقلنا الكاتبة ببراعة إلى الطفل الثاني " بالقرب منه أحصى الطفل نقوده، مسح قطرات العرق عن جبينه " ويهمس لأمه ينقصني 5 ليرات، عربة الليمون أتت ... خذ هذه لك أسرع ... الرزاق الله ...
لاحظت في النص تعبيران بنفس المعنى الأول على لسان أم الطفل الأول " الله رزاق كريم " والثاني على لسان أم الطفل الثاني " الرزاق الله " بعد أن قدمت له الخمس ليرات، بينما الأولى قالت الله رزاق كريم ولم تقدم شيئا لأنها تنتظر المبلغ الكبير نسبيا.. هنا أرى مغزى واضح أرادت به الكاتبة توضيح الفرق بين الطفل والأم الكادحين والطفل والأم الميسورين ... شد الصغير قبضته على نقوده ، فتش عنه .. هذا الطفل الكادح لم ينتظر وعد الطفل الآخر، بل تأكد من نقوده قبل أن يفتش عنه، وجده يقف على عربة الفيشار ويمازح صاحبها، وهنا هذه الوقفة تضع الكاتبة الطفل الميسور في حالة انبساط وفرح مع تفكير بين عربة الليمون وعربة الفيشار، بينما الطفل الكادح الذي يكسب نقوده من عرق جبينه، يقف حائراً بين عربة الليمون المثلج وعربة الفيشار لأن نقوده لا تسمح له بشراء أكثر من صنف .. وهنا الكاتبة تقدم للمتلقي صورة معبرة جداً عن الطفل الكادح ومن ولد في فمه معلقة ذهب ...
كل التحية للكاتبة المبدعة ميسون والتي تقدم نصوص رائعة من واقع معايشتها للطفولة بحكم مهنتها مدرسة في مدرسة ابتدائية فتقدم لنا نماذج حية للطفولة
النص
ليمون مثلج
منذ شهور وهو يسحب كيسه من قعر خزانته ، يفك عقده المحكمة...يمسد الأوراق النقدية المهترئة من الطي، يعيد عدها...يتأوه...ينقصني 5 آلاف ليرة ، يسمع همهمة أمه " الله رزاق كريم"
اتسعت بسمته اليوم ، شرب كأس الشاي، وهو يطيل النظر بها من نافذته..أخيرا عربة الليمون المثلج، تقف أمام منزله، يتحلق أولاد حارته حولها منتظرين قدومه.
بالقرب منه أحصى الطفل نقوده، مسح قطرات العرق عن جبينه..- أمي ينقصني 5 ليرات،عربة الليمون أتت....
-
خذ هذه لك..أسرع ، "الرزاق الله "
شد الصغير قبضته على نقوده....فتش عنه،
وجده متكئا على عربة البوشار، يمازح صاحبها
خطا نحوعربة البوشار، تلمظ..فتح يده،عدهم....عاد بخطواته ..وقف مترددا
بين العربتين تماماً.


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini