عين على
كتب التراث
بين امرئ القيس و امرأته أم جندب .. و علقمة بن عبدة الملقب .. علقمة الفحل
لفتت نظري لدى مطالعتي أحد كتب التراث منافسة شعرية جرت بين كل من امرئ القيس .. و علقة بن عبدة " علقمة الفحل " .. و اللافت أكثر أنهما احتكما في هذه المنافسة الى أم جندب زوجة امرئ القيس .. مما يدل على أنه كانت هناك عدد من نساء العرب كن شاعرات بالفطرة .. و أن هناك الكثير من شواعر العرب لم نكن نعرف عنهن شيئا و ربما أغفلهن تاريخ الأدب العربي كونهن كن مقلات .. أو أن شعرهن ضاع و فقد كما فقد الكثير من أشعار العرب في الجاهلية ..
هذا من جهة.. و من جهة أخرى تدل الواقعة على أن من النساء ان لم تكن تملك القدرة على قول الشعر .. الا أنها كانت تتمتع بحاسة شعرة ناقدة يمكنها من معرفة شوارد الكلمة .. و قواعد القريض و شروطه .. و أحكامه و ماهو مدلوله بيانا و صورة .. بحيث يمكنها من توجيه النقد الشعري و الاحتكام لها في قضايا المنافسات الشعرية و الصورة البيانية .
و تدل هذه الواقعة على أن الحكم منهن كان ينظر الى مهمته التحكيمية نظرة بعيدة عن التحيز أو الانحياز الى جانب دون آخر .. أي أنهن كن موضوعيات بعيدات كل البعد عن التحيز في ذلك بل كن يخترن موضوع المنافسة .. كما تشير هذه الواقعة .
و من منا لا يذكر النقد الذي وجهته الخنساء الى حسان بن ثابت و هو أحد فحول شعراء الجاهلية و الاسلام .
و قبل التطرق الى واقعة المنافسة بين امرئ القيس و علقمة الفحل .. ندلي بترجمة لكلا الشاعريين .
امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، شاعر جاهلي ، أشعر شعراء العرب على الاطلاق . يماني الأصل ، و مولده بنجد ، كان أبوه ملك أسد و غطفان ، و أمه أخت المهلهل الشاعر .
قال الشعر و هو غلام ، و جعل يتشبب و يلهو و يعاشر صعاليك العرب ، فبلغ ذلك أباه ، فنهاه عن سيرته ، فلم ينته ، فأبعده الى حضرموت موطن أبيه و عشيرته ، وهو في نحو العشرين من عمره .
ثار بنو أسد على أبيه ، فقتلوه ، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال : رحم الله أبي ، ضيعني صغيرا ، و حملني دمه كبيرا .. لا صحو اليوم ، و لا سكر غدا .. اليوم خمر ، و غدا أمر . و نهض من غده ، ولم يزل ، حتى ثأر لأبيه من بني أسد ، و قال في ذلك شعرا كثيرا .
كانت حكومة فارس ، ساخطة على بني آكل المرار ، آباء امرئ القيس ، فأوعزت الى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس ، فابتعد ، و تفرق عنه أنصاره ، فطاف قبائل العرب ، حتى انتهى الى السموأل ، فأجاره و مكث عنده مدة .
ثم قصد الحارث بن ابي شمر الغساني ، والي بادية الشام ، لكي يستعين بالروم على الفرس ، فسيره الحارث الى قيصر الروم " يوستنيانس " في " القسطنطينية " ، فوعده و ماطله ، ثم ولاه امارة فلسطين ، فرحل اليها ، فلما كان بـ " أنقرة " ظهرت في جسمه قروح ، فأقام بها الى أن مات 80 قبل الهجرة .
علقمة الفحل
علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس من بني تميم .
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ، كان معاصرا لامرئ القيس ، و له معه مساجلات .
أسر الحارث بن أبي شمر الغساني اخا له ، أسمه " شأس " ، فشفع به علقمه ، و مدح الحارث بابيات ، فاطلقه .
جاء في خزانة الأدب ، كان له ولد اسمه " علي " .. يعد من المخضرمين ، ادرك النبي صلى الله عليه وسلم ، و لم يره .
قيل انه :
تنازع علقمة بن عبدة ( الفحل ) و امرؤ القيس في الشعر ، و أيهما أشعر من الآخر ، فقال علقمة : قد رضيت بزوجتك أم جندب حكما بيني و بينك ، فقالت أم جندب : قولا شعرا ، و صفا فيه فرسيكما ، على قافية واحدة ، و روي واحد . فقال امرؤ القيس :
خليلي مرّا بي على أم جندب ... نقضِّ لأنات الفؤاد المعذّبِ
حتى مر بقوله :
فللسوط الهوبٌ و للساق درةٌ ... و للزجر منه وقع أخرج متعب
فأنشدها علقمة قوله :
ذهبت من الهجران في غير مذهب ... و لم يك حقا طول هذا التجنب
حتى انتهى الى قوله :
فأدركه حتى ثنى من عنانه ... يمر كغيث الرائح المتحلب
و أنشداها القصيدتين . فقالت له : علقمة اشعر منك . قال : و كيف ؟ . قالت : لأنك قلت :
فللسوط الهوب و للساق درة ... و للزجر منه وقع أخرج متعب
الأخرج : الظليم ، وهو ذكر النعام ، و الأنثى خرجاء . و الأخرج : الرماد ، و منه شبه . و مهذب : أي مسرع في عدوه .
قالت : فجهدت فرسك بزجرك ، و مريته فأتعبته بساقك و سوطك . و قال علقمة :
فأدركه حتى ثنى من عنانه ... يمر كغيث الرائح المتحلب
فأدرك فرسه ثانيا من عنانه ، و لم يضربه بسوط ، و لا مراه بساق ، و لم يزجره ، و لم يتعبه .
فغضب عليها امرؤ القيس . و قال : ليس كما قلت ، و لكنك هويته . و طلقها ، فتزوجها علقمة ، فسمي الفحل " علقمة الفحل " لميزته في باقي الشعراء ، كميزة الفحل على باقي الابل .
....
المرجع : عدد من كتب التراث
كتب التراث
بين امرئ القيس و امرأته أم جندب .. و علقمة بن عبدة الملقب .. علقمة الفحل
لفتت نظري لدى مطالعتي أحد كتب التراث منافسة شعرية جرت بين كل من امرئ القيس .. و علقة بن عبدة " علقمة الفحل " .. و اللافت أكثر أنهما احتكما في هذه المنافسة الى أم جندب زوجة امرئ القيس .. مما يدل على أنه كانت هناك عدد من نساء العرب كن شاعرات بالفطرة .. و أن هناك الكثير من شواعر العرب لم نكن نعرف عنهن شيئا و ربما أغفلهن تاريخ الأدب العربي كونهن كن مقلات .. أو أن شعرهن ضاع و فقد كما فقد الكثير من أشعار العرب في الجاهلية ..
هذا من جهة.. و من جهة أخرى تدل الواقعة على أن من النساء ان لم تكن تملك القدرة على قول الشعر .. الا أنها كانت تتمتع بحاسة شعرة ناقدة يمكنها من معرفة شوارد الكلمة .. و قواعد القريض و شروطه .. و أحكامه و ماهو مدلوله بيانا و صورة .. بحيث يمكنها من توجيه النقد الشعري و الاحتكام لها في قضايا المنافسات الشعرية و الصورة البيانية .
و تدل هذه الواقعة على أن الحكم منهن كان ينظر الى مهمته التحكيمية نظرة بعيدة عن التحيز أو الانحياز الى جانب دون آخر .. أي أنهن كن موضوعيات بعيدات كل البعد عن التحيز في ذلك بل كن يخترن موضوع المنافسة .. كما تشير هذه الواقعة .
و من منا لا يذكر النقد الذي وجهته الخنساء الى حسان بن ثابت و هو أحد فحول شعراء الجاهلية و الاسلام .
و قبل التطرق الى واقعة المنافسة بين امرئ القيس و علقمة الفحل .. ندلي بترجمة لكلا الشاعريين .
امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، شاعر جاهلي ، أشعر شعراء العرب على الاطلاق . يماني الأصل ، و مولده بنجد ، كان أبوه ملك أسد و غطفان ، و أمه أخت المهلهل الشاعر .
قال الشعر و هو غلام ، و جعل يتشبب و يلهو و يعاشر صعاليك العرب ، فبلغ ذلك أباه ، فنهاه عن سيرته ، فلم ينته ، فأبعده الى حضرموت موطن أبيه و عشيرته ، وهو في نحو العشرين من عمره .
ثار بنو أسد على أبيه ، فقتلوه ، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال : رحم الله أبي ، ضيعني صغيرا ، و حملني دمه كبيرا .. لا صحو اليوم ، و لا سكر غدا .. اليوم خمر ، و غدا أمر . و نهض من غده ، ولم يزل ، حتى ثأر لأبيه من بني أسد ، و قال في ذلك شعرا كثيرا .
كانت حكومة فارس ، ساخطة على بني آكل المرار ، آباء امرئ القيس ، فأوعزت الى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس ، فابتعد ، و تفرق عنه أنصاره ، فطاف قبائل العرب ، حتى انتهى الى السموأل ، فأجاره و مكث عنده مدة .
ثم قصد الحارث بن ابي شمر الغساني ، والي بادية الشام ، لكي يستعين بالروم على الفرس ، فسيره الحارث الى قيصر الروم " يوستنيانس " في " القسطنطينية " ، فوعده و ماطله ، ثم ولاه امارة فلسطين ، فرحل اليها ، فلما كان بـ " أنقرة " ظهرت في جسمه قروح ، فأقام بها الى أن مات 80 قبل الهجرة .
علقمة الفحل
علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس من بني تميم .
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى ، كان معاصرا لامرئ القيس ، و له معه مساجلات .
أسر الحارث بن أبي شمر الغساني اخا له ، أسمه " شأس " ، فشفع به علقمه ، و مدح الحارث بابيات ، فاطلقه .
جاء في خزانة الأدب ، كان له ولد اسمه " علي " .. يعد من المخضرمين ، ادرك النبي صلى الله عليه وسلم ، و لم يره .
قيل انه :
تنازع علقمة بن عبدة ( الفحل ) و امرؤ القيس في الشعر ، و أيهما أشعر من الآخر ، فقال علقمة : قد رضيت بزوجتك أم جندب حكما بيني و بينك ، فقالت أم جندب : قولا شعرا ، و صفا فيه فرسيكما ، على قافية واحدة ، و روي واحد . فقال امرؤ القيس :
خليلي مرّا بي على أم جندب ... نقضِّ لأنات الفؤاد المعذّبِ
حتى مر بقوله :
فللسوط الهوبٌ و للساق درةٌ ... و للزجر منه وقع أخرج متعب
فأنشدها علقمة قوله :
ذهبت من الهجران في غير مذهب ... و لم يك حقا طول هذا التجنب
حتى انتهى الى قوله :
فأدركه حتى ثنى من عنانه ... يمر كغيث الرائح المتحلب
و أنشداها القصيدتين . فقالت له : علقمة اشعر منك . قال : و كيف ؟ . قالت : لأنك قلت :
فللسوط الهوب و للساق درة ... و للزجر منه وقع أخرج متعب
الأخرج : الظليم ، وهو ذكر النعام ، و الأنثى خرجاء . و الأخرج : الرماد ، و منه شبه . و مهذب : أي مسرع في عدوه .
قالت : فجهدت فرسك بزجرك ، و مريته فأتعبته بساقك و سوطك . و قال علقمة :
فأدركه حتى ثنى من عنانه ... يمر كغيث الرائح المتحلب
فأدرك فرسه ثانيا من عنانه ، و لم يضربه بسوط ، و لا مراه بساق ، و لم يزجره ، و لم يتعبه .
فغضب عليها امرؤ القيس . و قال : ليس كما قلت ، و لكنك هويته . و طلقها ، فتزوجها علقمة ، فسمي الفحل " علقمة الفحل " لميزته في باقي الشعراء ، كميزة الفحل على باقي الابل .
....
المرجع : عدد من كتب التراث