مكبرات الصوت تكرر نداءات الالتزام بالبيوت، تعبر السيارات الشوارع، منبهة بقواعد السلامة الشخصية، الشرطة تخالف من يخرج من منزله ... الجميع يترقب ... الدول أغلقت مطاراتها ... العواصم أعلنت حالة الطوارئ والاستنفار.
بخطى وئيدة أقفلت النوافذ، قبل أن تغلق نافذة الحياة، فتحت خزائن المؤونة الفارغة، بحثت في جوانبها، لا شيء، اتصلت بالمحلات التي حولها .. ليس هناك من يوصل اليها ما تحتاجه من قوت يومي .. عادت إلى مكانها تتابع شاشة الوطن، تتوسد أريكتها الصغيرة، متفكرة في طعامها أثناء هذه الأيام الصعبة ...
حدقت في مريول ابنتها القديم، الجيوب الصغيرة .... كيف كانت تملؤها لها باللوز والزبيب ... تكسب بها أصدقاء جدد، تقيها نظرات الفضول الممزوج بالعداء، وهي الطفلة الغريبة عن المدينة، المختلفة عن طقوسها الاجتماعية.
كم قاومت صغيرتها حتى اقتنعت بفكرتها،
كانت خجلة، ممتعضة أن تكسب الحب والأمان داخل جدران مدرستها بما ثقلت به جيوبها.
بخطى واثقة وأنامل مرتجفة بحثت يدها في الجيوب، عادت محملة بما يقيتها ... مضغت حبوب الزبيب اليابسة، واللوز المتعفن.
استغربت لماذا لم توزع ابنتها ما تحمل ... منحوها الحب مجانا ذلك اليوم !؟ .
هدأ وجعها، شعرت بقرارة قلبها ... لو لم تصدمها تلك الحافلة لقضت عليها الكورونا اليوم .....