» » مئوية الوجع والذكرى / للشاعر _ أشرف حشيش


 (١)

لا زلتُ أذكرُ .. والنوافذُ ذاكرة

كنا ننامُ بعين أمي الساهرة


وعلى السقوف الأمنيات تطايرت

خلف التي رحلت لدار الآخرة


يا أيُّها البيتُ العتيق تركتنا

كحجارة فوق الثرى متناثرة


نتدثر الذكرى تحط كأنها

طيرٌ على نزف الجراح الصابرة 


وأبي يعود بما تيسر حاملا

فوق ابتسامته الحكايا الطاهرة 


أنسيتِ يا دار القصائد .. غيمها

ينهال من لغة الحنين الماطرة 


ويبوح من حولي الطموح ويرتوي

 بالمفردات وبالورود الشاعرة 


(٢)

تكفيك ذاكرتي العبور 

بأوجع الكلمات مرتديا

جراحي النادرة


تكفيك تجربتي الوصول

بلا مراكب..

فالمحابر  حين  تنزف قادرة..


تكفيك أبعد نقطة  حتى تري :

وطني يضيّعه قطيعُ برابرة 


تكفيك أجمل لقطة لشهيدة

قتلت بيوم زفافها .. بمظاهرة 


(٣)

فرقٌ هنالك:  بعضُنا نزفَ المدى

والبعضُ يلعبُ في المقاهي ( الباصرة)


وأنا هنالكَ تحت رحمةِ أحرفٍ

تتلو عليَّ دماءها المتواترة 


ما زال ظنُّكِ فيَّ يبعثُ داخلي

مُوجًا من الأشعار تصحو هادرة 


فأقوم تبدعُني البحور  مُظفرا

من نعش تفعيلاتها المتكابرة


أختار قافية إذا خيّرتني

تستلّ أوردتي بــ(باب الساهرة)


أهدي سطوري ميتة فخرية

تحلو بها هٰذي الحروف الفاخرة 

(٤)

كمْ ذوّقوك المرّ ...حتى إنَّهم

قطعوا الوصالَ.. ضغينةً ومُنافَرة 


والوقتُ يسقيكَ العذابَ مضاعفا

فتشيبُ  حين وصلتَ سن العاشرة 


ناديتُ يا وجعي أثمَّ مصيبةٌ ؟!

بالباب قد ظلت علينا ناظرة..


فلتدخلوها ليس عندي خشيةٌ

وقواي _ حمد الله _ليست خائرة 


كلُّ المصائب في دمي شفّرتُها

وشطبتُ _عن قصد_ خلايا الذاكرة


(٥)

ليس التَّنَكُّرُ بدعةً وتَخلُّفا

إنْ كانت الدنيا لحقكَ ناكرة


أعطَيْتُ ما قصّرتُ قلبي كلَّهُ

وعيونُهم عن نزفِ جُرحي قاصرة


أمَّنتُ مِرآتي لتنقُلَ صورتي

فإذا بها في نقلِها مُتآمرة


حتى الورود زرعتُها بقلوبِهم

فشكت بسخريةٍ حظوظي العاثرة


ماذا جرى للناس كل جهاتهم

مسدودة ونفوسهم متناحرة؟!


(٦)

هوّن عليك .. إذا فتحتَ رسالةً

فتفجرت فيك الحروف الغادرة


هوّن عليك إذا بعثتَ تحيّةً

فوجدتها دون التحايا (بائرة)


هوّن عليك إذا نظرتَ لصاحبٍٍ

مستأنسا فيغزّ فيك أظافره


أسقطتهم مثل الدقائق 

من عقارب ساعتي

ومن الحياة العابرة


‏(٧)

كن مرةً قلمـًا لتعرف جيدا

من أيِّ قلبٍ مفرداتي صادرة


كن مرةً علمـًا لتبتكر الفضا

روحـًا تحلّق بالبطولة طائرة


كن مرّة لغةً تصوّر أرضنا

وطنـًا تؤثّثهُ عروس الخاطرة


وافتح شبابيك القصيد بأدمعي

حتى أصيغ من الكلام جواهره

‎(٨)

نرقى أجلْ نرقى ؛ لأنَّ نفوسَنا

_لو واصلوا التخريبَ_ تبقى عامرة


وحدائقُ الطعناتِ في أعماقِنا

نبتَتْ مواجعُها قصائدَ  آسرَة 


هاتوا المزيدَ فلا يزالُ بعمرِنا

لطعان (حقدكُمو) مواقعُ شاغرة


وبطولة الشهداء في استثنائنا

ظلتْ على مرِّ العصور مثابرة 

(٩)

مَدّوا رقاب المفردات لشفرةٍ

 شُحِذَتْ بترميزٍ فكانت جائرة


لم يرحموا المعنى فسال خيالُهُ

يشكو  أحاسيس السطور الفاترة 


فرمى وأوغل في الغموض ولم تكن

منه السهام عن الغموض بقاصرة


لكنه الأقصى وليس خرافةً

حتى يبوح تفاخرا ومتاجرة


(فشرَتْ) غوايات الغلوّ أمامه

وأمام عزته ستبقى (فاشرة)

(10)

واصلْ.. فَرُبَّ عبارةٍ تشدو بها

قد أغلقتْ فينا السجونَ القاهرة 


واصلْ .. لعلَّ الليلَ من أنغامِنا

تقتادُهُ للعزفِ كفٌّ ماهرة 


وتخاصمُ الأحلامُ كونَ منامِها

وتفكُ أغلالَ الفراشِ الآمِرة 


واصلْ ..ستتبعكَ الحروفُ بثورةٍ

إنّ الحروفَ ....إذا أرادت ساحرة


وإذا وقفتَ لسوف يأتي شاعرٌ

ما همُّهُ.. إلا تَصيّدُ شاعرة 

(12)

ماذا يفيدُك أن تُشبِّهَ حاكما

بالأنبياء ..وقد عَرَفْتَ مَخاطرَهْ؟


ماذا يفيدُك حين ترفعُهُ إلى

آل الرسول ...قرابةً ومُصاهرة؟


ماذا يفيدُكَ إن قفزت لمستوى

(لونٍ) يداهن بالنفاق ( كنادرَه)؟


أو صرتَ مثل التبغ في أنفاسه

حتى تنافس في هواه سجائره


أنا حيث كان العدلُ توأم أمِّهِ

لو كلهم مدحوا الأسى وعساكرَه


(13)

ما ذنبُ كُرهي للطريق إذا التوت

من(شبه منحرفٍ) أضاع (مَساطره)


ما ذنبُ كُرهي للرحيل ، فإنه

صعبٌ عليّ بأن أحب الطائرة


ما ذنبُ كُرهي للخطاب إذا اعتلى

زيفا ،  ومدد في الفراغ منابره


ما ذنبُ كُرهي للديون تضخمت

فحشا ...وصاحبها يبيع دفاتره


ما ذنب كُرهي للقناع ...وراءه

وجهٌ يلون بالسواد دوائره


ما ذنب كُرهي للحكومة.. لم تطب

يوما لغلبانٍ بحسن معاشرة 


ساظل أكره ما حييت أناملي

حتى تزيح عن الخفاء سواتره

(14)

أنا جاركم في الصدّ مثلي مثلكم

ما خفتُ دباباتَهُ وجنازرَهْ


يا دارُ لم ننكر (غلاك) .. وإننا

بفنون ردّ المعتدين عباقرة


ما أوحش الساحاتِ ! لا فرَحٌ بها

إن لم نكن فيها وحوشا كاسرة 


ما أوحشَ الأعمارَ لا أملٌ لنا

فيها إذا مرّت بغير مُخاطرة 


طف حول أرضك وانتشق بترابها

عبقا .. وجهّز للعدو مقابرَه

(15)

وبقيتَ وحدَكَ في الكنايةِ بعدهم

حيرانَ .. والكلماتُ مثلك حائرة 


فكأنهن مع الجراح تأففت

حتى تبوحَ على الهواء مباشرة


وكأنني  وأنا غريق تأملي

أحتاج بعض الوقت دون مُجاهرة 


ما لي أرى وجهَ البديع كهدهدٍ

قد جاء من سبأٍ يبث بشائره


متجانسون هنا هناك وكلنا

عَرَبٌ .. لماذا الحرب ظلت دائرة؟


رغم الطباق شمالنا وجنوبنا.

ما بين (أهلِ جماعة) و ( جعافرة)


والحب لولا صدقه في حكمه

ما لمّ منّا أهلَهُ وعشائره


كيف انتكسنا في ظلال غوايةٍ

نصبتْ مزاج تخاصمٍ  ومُنافرة


أيقونة الماضي كرهتُ قراءتي

سنعيشُ في غَدِنا بحُسنِ مُجاورة

(16)

لم أنشرِ الفوضى وكلُ محاولٍ 

تمييعَ مجتمعي سأقطعُ دابرَهْ


كنزا من الأدب النقي حفظته

من دون أن ألقى (جُحا) ونوادره


دعنا نركِّب في مُحرِّك بحثنا

قلبا نصونُ هواءه  و (فلاتره)


ونفرّغُ الرغبات من طلقاتها

لنردّ عنا ( جوجلا) وجرائره


فالنشءُ بين مؤيد ومعارض

طُمِسَت هُويته ، وعاش مجازره

(18) 

مئويةٌ رغم الهدوء تطاولت

جاءت على «متفاعلن» مُتكاثرة


ما بين مطلعها ومخرجها له

قلبٌ ينفّذُ جولةً ومناورة


بلَغَتْ من الأبيات شوقا طاعنا

فيها أقام طقوسَهُ وشعائرَه


لا صوتَ يعلو فوق أقصانا الذي 

حضنَتْ ضلوعُ السورِ فيه حرائرَه


لا صوتَ يعلو فوق صوت مدينةٍ

غنّت


عن مجلة الثقافة العربية أزمان هاشم

مجلة الثقافة العربية - مجلة أدبية -شاملة - - نهتم بكافة النصوص الأدبية سواء كانت شعر أو نثر أو قصة أو مقال إلخ -- نمد إيدينا لنشر جمال اللغة العربية لغة الضاد ومساعدة المواهب الأدبية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبادة الفيشاوي
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini