سكنَ الفؤادَ هواكُمُ وتمكَّنا * والصَّبرُ عزَّ وبُعدُكُمْ بي أثخنا
الشَّوقُ ما بينَ الجوانِحِ مُضرَمٌ * يا آلَ وُدِّي كيفَ لي أن يسكُنَا؟!
ما كانَ أقسى من فراقِ أحبَّةٍ * ومِنَ اللقا ما كانَ شيءٌ أحسنا
تاللهِ كدتُ أُجَنُّ شوقًا للِّقَا * يا ربِّ فارحمْ عاشقًا لكَ أذعنا
يا قبلةَ الأشواقِ يا عَطِرَ الشَّذا * يا من أمامَ جلالِهِ الحُسنُ انحنى
من يا طبيبَ القلبِ يا ملكَ الهوى * بينَ البريَّةِ كانَ صبًّا مثلَنَا؟
صبًّا عفيفًا طاهرًا في حبِّهِ * وعلى الجَوَى ما كانَ يومًا أرعَنَا
يخشى الرَّقيبَ بِحِبِّهِ وتجلُّدًا * مهما يذُقْ من لوعةٍ ما أعلنا
عُذِّبتُ فيكَ ولم أُعَذَّبْ مثلما * عُذِّبتُ فيكَ ولم أذُقْ هذا العَنَا
وغدوتُ بعدَكَ كاليتيمِ فما لَهُ * كَتِفٌ فتسندُهُ على بطشِ الدُّنا
القلبُ أنتَ ومن سواكَ جوارحٌ * إن غبتَ لم تنفَعْ وعنكَ فلا غِنَى
للهِ قلبي بعدَ بُعدِكِ متعبٌ * فسواكَ ما رحمَ الفؤادَ وما حَنَا
وامقتَنِي فإذا بقلبِكَ مثلهُ * آثرتَ أنْ شاركتني هذا الضَّنى
أنتَ الحبيبُ بِهِ شُغِفتُ فإنني * لأراهُ حيثُ أُديرَ طَرْفِي أو رَنَا
يا لهفَ نفسي كيفَ حالي إن نأى؟ * يا لهفَ نفسي كيفَ حالي إن دنا؟
بتنا حيارى في الفؤادِ أسِنَّةٌ * لا وصلَ أم يومًا نُسَرُّ بوصلِنَا؟
للهِ عيني والسُّهادُ عشيقُها * والوصلُ إذ يَصِلُ الرُّقادُ الأعينا
والجسمُ مرٱةٌ فلو أبصرتني * لبَدَا الذي في القلبِ حتى أحزنا
والروحُ، نورَ الرُّوحِ، غابَ بريقُهَا * عِظَمُ الأُوامِ عثا بها ما أمكنا
والحالُ لو تدري بها لبكيتَنِي * وبكيتَ ثُمَّ بكيتَ ثُمَّ بكيتَنَا
ما ثَمَّ غيرُكَ شاغلٌ فكري ولا * سابٍ فؤادي طولَ يومي هيمَنَا
وإذا جلستُ إلى الورى لم أخلُ من * إطراقةٍ وشرودِ ذهنٍ برهَنَا
وإذا أويتُ إلى الفراشِ هذيتُ باسمكَ دونَ حَولٍ والمُنى أن أُوسِنَا
ويُميتُنِي في اليومِ ألفُ مُعنِّفٍ * لم يدرِ يا جرحي الغميقَ بحبِّنَا
وأرى السُّلُوَّ جريمةً ونقيصةً * وخيانةً وعليَّ ذنبًا شائِنَا
يا أطهرَ العُّشَّاقِ يا عَذْبَ اللَّمى * بالبدرِ تُزري والخرائدِ والسَّنا
إن شفَّني وجدٌ ففيكَ وإن أرُمْ * فالقصدُ أنتَ إليهِ أسعى والمُنَى
فاللهَ أسألُ أن يُقرَّ قلوبَنَا * وعيونَنَا بالوصلِ يمحو حزنَنَا