الخميس، 20 يوليو 2017

وقفة على قبر أبي.. بقلم الشاعر عبد الحميد الرجوي

يا قَبْرُ جِئتُ و في عَينَيَّ مَعْذِرَةٌ
لأبْكيَ الدُرَّ في جَنْبَيكَ و الذَهَبا

أتَيتُ و النفسُ تَلْفَى لا يُصَبِّرُها
إلا الأسَى عَن حَبيبٍ دُونَها ذَهَبا

يا قَبْرُ لَيتَكَ تَدْري أنّ ليْ كَبِداً
عَن سَاكِنِيكَ تُداري حَولَها اللَّهَبا

وقَفْتُ بِالكَوكَبِ الدُّرِّيِّ فِيكَ ضُحَىً
أُسَائِلُ الأُفْقَ مِن أضوائِهِ شُهُبا

لا شَيءَ إلا عيونٌ تَجْتَديْ حَجَراً
فَكيف يُشْرِقُ بَدرٌ في الثَرَى غَرَبا  !؟

يا قَبْرُ إني و شِعري مَيِّتَانِ ، فَهَلْ
لَنا بِتُرْبِكَ حَظٌّ كَيْ نَرَى الأرَبا ؟

خَارَتْ قُوايَ و سَاقيْ مِن تَلَكُّؤِها
ضَاقَتْ بِحِمْلي و حُزْناً أَجْثَتِ الرُّكَبا

ما زَالَ مِن هذه الأحجارِ رائحةٌ
على يَدَيَّ بِها أسْتَعْذِبُ التَعَبا

أبي .. و تَخْنُقُني في الحَلْقِ حَشرَجَةٌ
إذا تَهَجَّيتُها في خَاطِري طَلَبا

أبي .. و لليُتْمِ وَخْزٌ يَسْتَبيحُ دَمي
و يَسْتَبِدُّ بِطَرْفٍ عَن بُكاهُ أبَـى

أبي .. و بَينَ زوايا البَيتِ تَخْذُلُني
كأنّ في فَمِها ذَاكَ الصَدَى صُلِبا

أبي .. و ما زِلتُ مَفتوناً بِهَيبَتِها
على المَسَامِعِ حتى و الجَوَابُ هَبَا

أبي ..  و إني بِها أحيا و إنْ دُفِنَتْ
و كيف يَحيا يَتيمٌ لا يُجِلُّ أبَا  !؟

           عبد الحميد الرجوي

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini