الخميس، 6 يوليو 2017

من حديث النوارس- بقلم الكاتبة- خديجة أجانا

أحس بأنفاسه تضيق، تململ، تنهد عميقا مستملا ثقلا يجثم على صدره. فرك عينيه مرة، مرتين، فغر فاه مستغربا و قال : " جن البشر . كيف يستبيحون صدري مسرحا لنزالهم الهزلي؟ "
كان البحر هادئا ذاك الصباح ، لكن مزاجه تعكر فجأة بعدما صار فضاء لمسرحية هزلية ضاق البر عن احتواء أحداثها...
وجلة ، همهمت النوارس، التي كانت تقتات على بقايا سمك السردين الذي أنفلت من عيون شباك الصيادين ، و أسرت إلى بعضها :" ما يحدث في البحر أمر عجاب ، حيتان كبيرة غريبة تهاجم أسماكا صغيرة." قال نورس لم يستسغ الأمر :" لم نعهد قط في هذا البحر حيتانا بل أسماكا صغيرة بحجم السردين أو أصغر لا غير ." حرك نورس فضولي، دأب على التنصت و نقل أخبار البحر و الصيادين، جناحيه ، حلق عاليا و زج نفسه في الماء لحظات ثم حلق عائدا مذعورا . ضرب جناحيه بالأرض و أصدر أصواتا غريبة أربكت النوارس و أخافتها. ساد الصمت في انتظار ما سيخبر به ..." لننفذ بريشنا قبل أن تسحقنا الأحذية الثقيلة أو تصيبنا رصاصة طائشة ، فهؤلاء بشر ، كساة مسلحون يحاصرون عراة عزلا ..."قال بعدما هدأ.
استغربت النوارس الأمر و توجست خيفة. قال أكبر النوارس :"لو كان صديقنا الهدهد حاضرا لأتانا بالخبر اليقين ، لكنه، للأسف، مشغول برصد و تتبع أخبار المال و الحرائق و ..."
كان الهدهد قد هداه حدسه الذي لا يخيب أبدا إلى العودة ليشهد تصاعد الأحداث التي لا تزداد إلا سخونة و إثارة .... حلق فوق البحر ، أصاخ إليه، حشر أنفه في الماء، شم رائحة غريبة مريبة ... عاد قلقا منذرا النوارس :" إنه لأمر جلل يوشك أن يحدث ، البحر يشوط به الغضب ، يرغي و يزبد و يتوعد بتسونامي يكتسح اليابسة بما عليها من ناس و شجر و حجر فلا يبقي و لا يذر ...لكم الفضاء رحبا فطيروا و اتركوا البحر يؤدب البشر ..."
رغم الفضول، آثرت النوارس السلامة على الندامة ، و حلقت بعيدا خوفا من غضب البحر ، لكن الهدهد ظل يراقب الأحداث عن كثب طامعا في سبق صحفي ...

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini