السبت، 9 سبتمبر 2017

الشرير – بقلم – أدريس البيض-

على لوحتها تكتب مايا، تشعر بشد خفيف من الخلف، تستدير بحذر.
-
ماذا هناك ؟
تبتسم لحمزة دون جواب، تعدل جلستها، تشعر بالشد مجددا، بهدوء تهمس له، تتغير ملامح وجهه.
.....
-
أتمم الجملة.
هكذا قال المعلم، قبل أن يتناوب التلاميذ على تسجيل اختياراتهم على السبورة ( البحر جميل - البحر واسع - البحر رائع ...).
تبتسم مايا و قد اقترب دورها، هامسا يسألها حمزة:
-
ماذا ستكتبين؟
تترك سؤاله معلقا دون رد، تتجه نحو السبورة بثبات.
-
مايا، اقرئي ما كتبته.
-
البحر شرير.
تنفلت الضحكات الطفولية في أرجاء الفصل، فيغضب المعلم، تعود دامعة العينين إلى مقعدها.
على الطريق يلحق بها حمزة...
-
لم كتبت ذلك ؟ البحر ليس شريرا.
-
لم يأخذ منك أبا و لا أخا، يحق لك أن تراه كما تشاء.
يتركها دامعة العينين و يعود أدراجه.
........
على زقزقات العصافير تستيقظ مايا، تسحب جسدها النحيل من تحت الغطاء ببطء و كسل، تفتح النافذة فيمتلأ فضاء الغرفة بنسيم البحر الرطب و البارد، تحس برجفة فتعاود إغلاقها.
..........
-
درس اليوم عن...
لم تكن تدري شيئا عما يجري حولها، منشغلة و تائهة في أحلام يقظتها، يباغتها المعلم:
-
ما عنوان درسنا يا مايا ؟
تقف متلعثمة، لا تدري ماذا تقول، يهمس لها حمزة " البحر ".
-
البحر .
-
إجلسي أيتها المهملة ! غدا، احضري رفقة والدك.
-
أبي صياد في البحر...
-
فليكن، فليحضر معك حين عودته.
-
أبي لم يعد منذ سنتين.
يسود الصمت لبرهة، تجلس مايا في مقعدها، يتابع المعلم درسه.
.........
على إيقاع الأمواج المتكسرة على أطراف الشاطئ الصخري يسألها حمزة :
-
هل مات أبوك ؟
-
لا، أبي مازال حيا هناك في عرض البحر.
-
لكن أهل القرية يقولون عكس ذلك.
-
كلهم مخطئون، فعندما يكتمل البدر في ليلة صافية سماؤها، يظهر لي جليا قاربه هناك، حتى أنه يلوح لي حين أناديه بأعلى صوتي.
-
غريب...
.........
في ظلمة الليل الحالكة، تتلمس العجوز الضريرة طريقها، بعد أن أرهق مسامعها صوت باب الكوخ الخشبي و قد تلاعبت به الرياح.
أغلقته، و راحت تتحسس سرير حفيدتها، الفراش لازال دافئا، لكن مايا ليست هناك.
لثلاثة أيام بلياليها يجوب أهل قرية الصيادين المنطقة طولا و عرضا دون فائدة، لم يجدوا لها أثرا، مسحوا الشاطئ كما الساحل إلى أن فقدوا الأمل.
............
من نافذة غرفته المطلة على البحر ينتظر حمزة اكتمال البدر هذه الليلة، تأخذه إغفاءة فيستسلم للنوم، يستيقظ على صوت نداءات قادمة من عرض البحر، ثمة قارب يلوح في الأفق، عليه رجل بصحبة طفلة صغيرة، يلوحان له بسعادة.
.......
-
أتمم الجملة.
هكذا قال المعلم، قبل أن يتناوب التلاميذ على تسجيل اختياراتهم على السبورة ( البحر جميل - البحر واسع - البحر رائع .(.
يبتسم حمزة و قد اقترب دوره، هامسة تسأله ليلى
-
ماذا ستكتب؟
يترك سؤالها معلقا دون رد، يمر بالقرب من مقعد مايا الشاغر، يتجه نحو السبورة بثبات.
-
حمزة، اقرأ ما كتبته.
-
البحر شرير.
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد

close
Banner iklan disini