تختلف "القصة القصيرة جدًا" اختلافًا كبيرًا عن القصة القصيرة. المصطلح قائم على التمييز بالطول، وهذا صحيح من حيث الشكل، ولكن هذا المقياس لا يكفي لتمييز القصة القصيرة جدًا عن أنواع القصص الأخرى، ولاسيما القصة القصيرة.
من حيث الشكل تقع القصة القصيرة جدًا بين العشرين كلمة والمئتي كلمة. ومن حيث التقنية (وهذا أهم) فإن القصة القصيرة جدًا هي جزء من حدث وليست حدثًا كاملاً، وكثيرًا ما تكون نهاية حدث. إنها تشبه لقطات معدودة بآلة تصوير في بضع ثوان. ومن خلال هذا التكثيف الشديد تتولد شاعرية الموقف، وشاعرية الكلمات أيضًا. إنها صناعة صعبة جدًا لأن الكاتب يتخير اللحظات المناسبة ليلتقطها ويعبر عنها بالكلمات المختارة بعناية فائقة.
من الأخطاء المنتشرة في صناعة القصة القصيرة جدًا أن الكاتب يكتب جزءًا من قصة قصيرة ويسمي ما كتب قصة قصيرة جدًا. وربما يحدث أن الكاتب يعبر عن الفكرة بشاعرية مفرطة فيتحول عمله إلى خاطرة أو قصيدة نثر. وربما خلت القصة القصيرة جدًا من المفردات المعبرة فجاءت جافة وكأنها جزء من حدث لم يكتمل.